

الجمعة والسبت 10/9 جمادى الأولى 1447هـ 31 أكتوبر/ 1 نوفمبر 2025م
من الرياض ينطلق المستقبل.. الاستثمار أداة لصناعة الإنسان والتمكين
مبادرات لدعم المشروعات النسائية الناشئة
وتنوّعت الحوارات بين ملفات التنمية الحضرية، وتحفيز القطاع الخاص، وتعزيز الابتكار في المدن الذكية، وصولًا إلى ربط الاستثمار بالتأثير الاجتماعي المباشر.
فلم تعد الاستثمارات تُقاس فقط بالأرباح والعوائد، بل أصبحت معيارًا لمدى إسهامها في تحسين جودة الحياة، وخلق الوظائف، ودعم الفئات الشابة والنساء في سوق العمل. وشهدت أروقة المبادرة توقيع عدد من الاتفاقيات الضخمة في مجالات الطاقة المتجددة، والتقنيات الحيوية، والبنية التحتية، والتعليم، ما يعكس الزخم المتنامي في مسار التحول الاقتصادي الذي تقوده المملكة ضمن رؤية 2030.
الاستثمار في الإنسان قبل المكان
ركزت جلسات ومداولات “مبادرة مستقبل الاستثمار” على إبراز الدور المحوري الذي يلعبه الإنسان في دفع عجلة التنمية الشاملة، مؤكدة أن الاستثمار الحقيقي يبدأ من بناء القدرات قبل تشييد الأبراج، ومن تمكين العقول قبل تأسيس المشاريع. فالفكر الاستثماري الحديث لم يعد ينظر إلى المكان بوصفه مجرد مساحة للربح، بل باعتباره فضاءً لصناعة الإنسان القادر على تحقيق الاستدامة والنمو المستقبلي.
وتنوعت النقاشات خلال جلسات المبادرة بين ملفات التنمية الحضرية المستدامة، وتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في التعليم والتقنية والبحث العلمي، وتعزيز الابتكار في المدن الذكية التي تضع الإنسان في قلب العملية التطويرية. كما تم التأكيد على أهمية مواءمة البنى التحتية الاقتصادية مع الاحتياجات المجتمعية، بحيث تكون المدن المستقبلية أكثر مرونة وذكاءً، وتوفر بيئة معيشية ترتقي بجودة الحياة وتدعم الإبداع والإنتاجية.
ولم تغب الجوانب الاجتماعية عن المشهد الاقتصادي للمبادرة، إذ أولت الجلسات اهتمامًا خاصًا بالاستثمار في رأس المال البشري كقيمة استراتيجية تعزز مكانة المملكة في المشهد العالمي. فالمناقشات تناولت ضرورة تمكين الكفاءات الوطنية، خاصة من فئة الشباب والنساء، عبر برامج تدريبية وتعليمية تُسهم في تطوير مهاراتهم وتأهيلهم لوظائف المستقبل، في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.
كما ربطت المبادرة بين مفهومي الاستثمار والعطاء المجتمعي، من خلال تسليط الضوء على المشاريع التي تجمع بين الربحية والتأثير الاجتماعي، مثل دعم ريادة الأعمال، وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز المشاركة المجتمعية في بناء الاقتصاد المحلي. فاليوم، لم تعد الاستثمارات تُقاس فقط بحجم الأرباح والعوائد، بل أصبحت معيارًا لمدى إسهامها في تحسين جودة الحياة، وخلق الوظائف، وتمكين الإنسان ليكون شريكًا فعّالًا في مسيرة التنمية الوطنية.
وهكذا تؤكد “مبادرة مستقبل الاستثمار” أن الإنسان هو الاستثمار الأهم والأكثر استدامة، وأن بناء العقول وتحرير الطاقات هو الطريق الأقصر للوصول إلى تنمية حقيقية تُحقق التوازن بين المكان والإنسان، وبين الاقتصاد والكرامة الإنسانية.
شراكات عالمية ومناخ استثماري تنافسي
استقطبت المبادرة نخبة من أبرز القادة الاقتصاديين في العالم، حيث تمت مناقشة مستقبل الأسواق الناشئة، والذكاء الاصطناعي، وتمويل المشاريع الخضراء، والفرص في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط.
كما أكّد المتحدثون على أن السعودية أصبحت اليوم منصة مركزية لجذب الاستثمارات العالمية، بفضل بيئة تشريعية متطورة وبنية تحتية رقمية قوية.
العديد من الشركات الدولية أعلنت خلال جلسات المبادرة عن نيتها نقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض، والاستثمار في قطاعات النقل الذكي والسياحة المستدامة والتقنيات الصحية، مما يعزز موقع المملكة كـ عاصمة جديدة للاستثمار في المنطقة.
إلى جانب ذلك، شددت النقاشات على أهمية دعم ريادة الأعمال والابتكار كقاطرة للنمو، إذ تم عرض مبادرات سعودية رائدة لدعم الشركات الناشئة واحتضان الأفكار المبدعة، وتسهيل وصول رواد الأعمال إلى التمويل والأسواق.
المرأة.. شريك في صناعة القرار الاستثماري
من أبرز ملامح مبادرة مستقبل الاستثمار هذا العام هو الحضور النسائي اللافت في مختلف جلسات المنتدى، سواء من حيث المتحدثات أو القيادات التنفيذيات أو المستثمرات المشاركات في نقاشات التحول الاقتصادي.
فقد تجسد في أروقة المبادرة وجه جديد للمرأة السعودية؛ قائدة في قطاع المال والأعمال، ورائدة في الابتكار، وصانعة للفرص داخل منظومة الاستثمار المحلي والعالمي.
تطرقت الجلسات إلى الدور المحوري الذي تلعبه المرأة في ريادة الأعمال وتمكين الاقتصاد الوطني، وكيف أصبحت قصص نجاح السعوديات نموذجًا يُحتذى عالميًا في الكفاءة والقدرة على المنافسة.
وشهد المنتدى طرح مبادرات لدعم المشاريع النسائية الناشئة وتسهيل وصولها إلى المستثمرين، مع تسليط الضوء على نماذج متميزة لسيدات أعمال سعوديات نجحن في قيادة شركات تعمل في قطاعات الطاقة، والتقنية، والتمويل، والسياحة، والصناعات الإبداعية.
كما تناولت الجلسات الحوارية تجارب نسائية عالمية سلطت الضوء على أهمية إشراك المرأة في القرارات الاستثمارية الكبرى، معتبرة أن التنوع في القيادة لم يعد خيارًا بل ضرورة اقتصادية لتعزيز الابتكار والإنتاجية.
ولم يكن تمكين المرأة في المبادرة خطابًا نظريًا، بل تجسّد فعليًا من خلال المشاركة الفاعلة للكوادر النسائية السعودية في تنظيم الفعاليات، وإدارة الجلسات، وصياغة الأفكار المستقبلية التي تتقاطع مع رؤية المملكة في بناء اقتصاد مزدهر شامل للجميع.
منصة عالمية لبناء مستقبل أكثر شمولية
تؤكد “مبادرة مستقبل الاستثمار” من الرياض أن التحول الاقتصادي لا يكتمل دون مشاركة فاعلة من جميع مكونات المجتمع، وعلى رأسها المرأة التي أثبتت قدرتها على الإسهام في الابتكار والنمو والاستدامة.
ومن خلال الجمع بين الاستثمار والعطاء المجتمعي، وخلق بيئة اقتصادية محفزة للجميع، تمضي المملكة بثقة نحو ترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية عالمية توازن بين النمو والتمكين والإنسانية. وفي هذا الإطار، تسلط “مبادرة مستقبل الاستثمار” في نسختها لهذا العام الضوء على قصص النجاح السعودية التي تقف خلفها كفاءات وطنية شابة، من رجالٍ ونساءٍ يقودون اليوم قطاعات حيوية في مجالات الطاقة والتقنية والاستثمار والذكاء الاصطناعي والسياحة والابتكار. فهذه الكفاءات لم تعد مجرّد مساهمين في مسيرة التنمية، بل أصبحت ركيزة أساسية في صياغة مستقبل المملكة الاقتصادي، بما يعكس الرؤية العميقة التي أرساها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في جعل الإنسان محور التنمية وغايتها.
وتأتي الجلسات الحوارية والنقاشات العالمية المنعقدة ضمن أعمال المبادرة لتجسد التوجه السعودي نحو بناء اقتصاد متنوع ومستدام، قائم على المعرفة والتقنية وتمكين الشباب والمرأة، ومفتوح على الشراكات الدولية في مجالات الاستثمار الواعد والطاقة النظيفة والتقنيات الحديثة. كما تسعى المبادرة إلى استشراف التحديات المقبلة في الاقتصاد العالمي، ومناقشة الحلول التي توازن بين النمو الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية وحماية البيئة، بما ينسجم مع أهداف الحياد الصفري والطاقة المتجددة التي تتبناها المملكة.
ومن خلال جمعها بين الاستثمار والعطاء المجتمعي، تواصل “مبادرة مستقبل الاستثمار” ترسيخ حضورها كمحركٍ رئيسٍ للأفكار والمشروعات الكبرى، وكجسرٍ عالمي يربط بين القادة والمستثمرين والمبتكرين وصنّاع القرار. فهي لا تكتفي بطرح الرؤى بل تترجمها إلى مبادرات واقعية تُسهم في تحفيز الاقتصاد العالمي، وتعزز موقع المملكة كمركز مؤثر في حركة الاستثمار الدولية، ومثال يحتذى به في موازنة الطموح الاقتصادي مع القيم الإنسانية.
وبينما تتحول المبادرة إلى منصة عالمية تجمع بين الفكر والابتكار والعمل، تواصل المملكة من خلالها بناء جسور التعاون مع الاقتصادات الصاعدة والكبرى على حدٍ سواء، لتثبت أن طريقها نحو المستقبل يقوم على الشراكة والتمكين والريادة، وأن رؤيتها الطموحة 2030 ليست مجرد خطة تحول اقتصادي، بل مشروع حضاري وإنساني متكامل، يصنع الفرق ويقود التغيير في عالم متسارع التحولات.
تحويل الطموحات إلى إنجازات
إن “مبادرة مستقبل الاستثمار” لم تعد مجرد حدثٍ اقتصادي سنوي تستضيفه الرياض، بل أصبحت حركة فكرية وتنموية عالمية تعيد تعريف معنى الاستثمار في القرن الحادي والعشرين، من خلال رؤيتها التي تدمج بين القيمة الاقتصادية والتأثير الإنساني. فالمملكة اليوم لا تقدم للعالم منصةً للصفقات فحسب، بل منصةً لإعادة صياغة علاقة الإنسان بالاقتصاد، ورسم ملامح مستقبلٍ أكثر توازنًا وشمولية. لقد نجحت المبادرة في ترسيخ صورة السعودية الجديدة: دولة تقود ولا تُقاد، وتبادر ولا تكتفي بالمشاركة، دولة تستثمر في الإنسان أولًا، ثم في كل ما يصنع له بيئةً ملهمة ومزدهرة. ومن خلال ما شهدته النسخة الحالية من مباحثات واتفاقيات ومخرجات نوعية، أثبتت المملكة قدرتها على تحويل الطموحات إلى إنجازات، والرؤى إلى واقعٍ ملموس، مستندةً إلى رؤية 2030 التي جعلت من الابتكار والتمكين والريادة أعمدةً أساسية في بناء المستقبل.
كما عكست جلسات المبادرة حراكًا عالميًا يتقاطع عند الرياض، حيث تتلاقى أفكار القادة والخبراء والمستثمرين لصياغة حلول للتحديات المشتركة، من الطاقة والذكاء الاصطناعي إلى الاقتصاد الأخضر والحوكمة والاستدامة. وفي قلب كل تلك النقاشات، برزت القيم السعودية -قيم الشراكة والتكامل والإيمان بدور الإنسان- لتكون البوصلة التي توجه الحوار العالمي نحو تنمية أكثر إنصافًا وشمولًا.
وفي الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم نحو التنافس الاقتصادي، اختارت المملكة مسارًا أكثر عمقًا وإنسانية، مسار “التمكين قبل التملك، والبناء قبل النمو”، لتُثبت أن الريادة الحقيقية ليست في حجم الناتج المحلي، بل في مدى تأثير التنمية على الإنسان والمجتمع. ومن هذا المنطلق، تمضي السعودية بخطى واثقة نحو أن تكون المحرك الاقتصادي والضمير الإنساني للعالم في آنٍ واحد.
إن “مبادرة مستقبل الاستثمار” اليوم ليست مجرد علامة فارقة في أجندة الاقتصاد العالمي، بل رمز لتحولٍ حضاري شامل يقوده فكرٌ سعودي يعي أن الثروة لا تُقاس بما نملكه، بل بما نمنحه. ومن الرياض، عاصمة القرار والنهوض، يتجدد الالتزام بمواصلة المسيرة نحو مستقبلٍ تُكتب فيه قصة الاستثمار بلغة الإنسان… حيث تتلاقى الطموحات وتُبنى الأوطان، وتُصنع من الحلم حقيقة تلامس العالم بأسره.
 
 
 

